والفلق المنبلج الوضيّ
قال الشيخ الفتّال النيسابوري في 'روضة الواعظين' قال عمر بن عثمان، عن سلمة بن الفضل، قال حدّثنا محمّد بن إسحاق، عن عمّه موسى بن يسار أن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وُلِدَ في الكعبة.
فقلت: إلهي وسيدي فبماذا نالوا هذه الدرجة؟
قال: بكتمانهم الإيمان، وإظهارهم الكفر، وصبرهم على ذلك حتّى ماتوا عليه، سلام اللَّه عليهم أجمعين.
وابن شهر آشوب في المناقب يقول :...
إنّه رقد أبو طالب في الحِجْر، فرأى في منامه كأنّ باباً انفتح عليه من السماء، فنزل منه نور، فشمله، فانتبه لذلك، فأتى راهب الجحفة، فقصَّ عليه، فأنشأ الراهب يقول:
أبشرْ أبا طالب عن قليلِ بالولد الحلاحلِ النبيلِ
يآل قريشٍ فاسمعوا تأويلي هذان نوران على سبيلِ
كمثل موسى وأخيه السؤل
فرجع أبو طالب إلى الكعبة، وطاف حولها، وأنشد:
أطوفُ للإله حول البيتِ أدعوك بالرغبة محيى الميتِ
بأن تريني السبط قبل الموتِ أغرّ نوراً يا عظيم الصوتِ
منصلتاً بقتل أهل الجبتِ وكلّ مَن دان بيوم السبتِ
ثمّ عاد إلى الحجر، فرقد فيه، فرأى في منامه كأ نّه اُلبس إكليلاً من ياقوتٍ، وسِربالاً من عبقر، وكأنّ قائلاً يقول: يأبا طالب، قرّت عيناك، وظفرت يداك، وحسنت رؤياك، فأتي لك بالولد، ومالك البلد، وعظيم التلد، على رغم الحسد. فانتبه فرحاً، فطاف حول الكعبة قائلاً:
أدعوك ربّ البيت والطوافِ والولد المحبُوّ بالعفافِ
تعينني بالمنن اللطافِ دعاء عبدٍ بالذنوب وافِ
وسيّد السادات والأشرافِ
ثمّ عاد إلى الحِجر، فرأى في منامه عبد مناف يقول: ما يثنيك عن ابنة اسد، في كلام له.فلما انتبه تزوّج بها، وطاف بالكعبة قائلاً:
قد صدقت رؤياك بالتعبيرِ ولست بالمرتاب في الاُمورِ
أدعوك ربِّ البيت والنذورِ دعاء عبدٍ مخلصٍ فقيرِ
فأعطني يا خالقي سروري بالولد الحلاحل المذكورِ
يكون للمبعوثِ كالوزيرِ يا لهما يا لهما من نورِ
قد طلعا من هاشم البدورِ في فلكٍ عالٍ على البحورِ
فيطحن الأرض على الكرورِ طحن الرحى للحَبّ بالتدويرِ
إنّ قريشاً بات بالتكبيرِ منهوكة بالغيّ والثبورِ
ومالها من موئل مُجيرِ من سيفه المنتقم المُبيرِ
وصفوة الناموس في السفيرِ حسامه الخاطف للكَفورِ