(عليه السلام) دار الإمام علي بن أبي طالب
يقع دار أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى جانب مسجد الكوفة المعظم على مسافة حوالي (100) متر تقريباً من الركن الجنوبي الغربي من مسجد الكوفة، وهو دار ترسم لنا الصورة لحياة الإمام والزهد والتواضع الذي كان يعيشهما عليه السلام بعيداً عن حياة القصور والملوك وزخرف الدنيا، إذ إستقر في هذه الدار وهي لأخته (أم هانئ) زوجة هبيرة المخزومي لقربها من المسجد، بعد أن رفض البقاء في دار الإمارة حين قدومه إلى الكوفة في شهر رمضان سنة (36هـ)، أو حتى بناء دار جديدة له.
يشمل دار امير المؤمنين عليه السلام على مدخل واحد يطل على ساحة الدار المطلة على حجرات الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام ومكتبتهما ومصلاهما، إضافة إلى حجرة تغسيله بعد استشهاده عليه السلام، مع بئر للماء العذب يتبرك به الزائرون بالشرب والغسل ودفع بعض الأمراض إيماناً منهم ببركته.
ورغم وجود قصرالامارة فيها شيد مع بنائها، الا ان الامام علي المعروف بزهده وتواضعه اختار ان ينزل في بيت اخته ام هانئ (زوجة هبيرة المخزومي) والذي يقع في رحبة مسجد الكوفة والتي سميت فيما بعد برحبة علي. وكان البيت الذي اشتراه الامام فيما بعد بسبعين دينارا يقع قبالة باب السدة من مسجد الكوفة يتميز ببساطته وتواضعه ومساحته الصغيرة 370 مترا مربعا، ويضم خمس غرف، تتوسطها باحة مكشوفة (أي انه ينتمي الى العمارة العراقية)، وفي الباحة بئر كان الامام وافراد اسرته يستخدمونها للاحتياجات اليومية المختلفة. وفي بيت مفكر وخليفة مثل الامام علي كان لابد من وجود مكتبة انتهل منها الامامان الحسن والحسين (عليهم السلام ) المعارف والعلوم المختلفة فضلا على قراءة القرآن الكريم وتفسيره. وعاش في هذا البيت مع الامام علي ولداه الحسن والحسين وابنته زينب وطفلة اسمها خديجة توفيت في الرابعة من عمرها ويقال انها دفنت في البيت نفسه. وشهد هذا البيت الذي كان يأتيه الامام من باب الفرج، احد ابواب سور مسجد الكوفة، بعد ان ينهي الصلاة، قد شهد احداثا مهمة ونقاشات وحوارات دينية بين الامام وابنيه وبينه وبين اهالي الكوفة، ولكن يبقى الحدث الاكثر ايلاما ان الامام عليه السلام بعد ان هاجمه عبد الرحمن بن ملجم في اليوم التاسع عشر من رمضان سنة اربعين للهجرة في محراب المسجد، نقل الى البيت ليمضي ثلاثة ايام يعاني من اثار جرح خنجر بن ملجم المسموم وليسلم روحه الطاهرة. وحولت احدى غرف البيت الى مغتسل لغسل جثمانه الطاهر. وما تزال جدران هذا البيت تحفظ آخر وصاياه التي تكشف مدى شفافية الامام علي وتسامحه. فقد اوصى ولديه بتقوى الله وبأمور المسلمين خيرا. وامرهما باطعام ابن ملجم ويوصيهما: اذا بقيت حيا فانا كفيل بامره واذا توفيت فالحسن هو من يتولى امره بعدي، فضربة بضربة ولا تمثلا بالرجل. ان هذا البيت المبني من اللبن يحفظ بين جدرانه صوت الامام علي وهو يقيم الليل قارئا للقرآن الكريم ويحفظ مناجاته وتهدجاته اثناء صلواته، انه تاريخ طويل يمتد على مدى اربعة عشر قرنا هجريا.